شدّدت رئيسة "الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية" كلودين عون روكز، على أنّه "يعزّ عليّ أن يكون لبنان مصنّفًا دوليًّا في المراتب الأخيرة بين الدول لجهة إنصاف النساء في المشاركة السياسية (المرتبة 142 من أصل 144 دولة)، ويعزّ عليّ الإعتراف بأنّ النساء تشكّل الفئة الأكبر من الفئات المهمّشة سياسيًّا".
ولفتت خلال لقاء تشاوري أقامته الهيئة والمركز العربي لتطوير حكم القانون والنزاهة ممثّلًا بمؤسسه ومشرفه العام الدكتور وسيم حرب، حول موضوع "الكوتا النسائية: نحو تعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية في لبنان"، وذلك ضمن إطار مشروع "تشجيع الأصوات المهمشة في عملية المشاركة السياسية في لبنان" الّذي يقوم المركز بتنفيذه بدعم من وزارة الخارجية في الولايات المتحدة الأميركية وبالتعاون مع منظمة "بلان إنترناشيونال"، إلى أنّ "نسبة الـ4.6 بالمئة الّتي تمثّلها السيدات الستّ في مجلسنا النيابي، تعكس بعد مرور ستة وستين عامًا على إقرار الحقوق السياسية للمرأة في لبنان، فشلًا لنظامنا السياسي في إرساء قواعد نظام ديمقراطي حقيقي. فكيف يمكن تفسير ضآلة هذه النسبة مقارنة مع النسب الّتي تعكسها أعداد النساء في مجالات مزاولة المهن الحرة والقضاء ومهنتي التعليم المدرسي والأكاديمي؟".
وأوضحت روكز أنّ "في هذه القطاعات، تزيد نسب النساء عن الربع وتقارب النصف في المحاماة وتزيد عنه في التعليم الثانوي. ولنا اليوم أن نتباحث في سبل التوصّل إلى التغيير الّذي من شأنه أن ينهي استثناء المجال السياسي من المجالات الّتي تخوضها النساء وتبرع فيها". وركّزت على "أنّنا نحن النساء لسنا طامحات بمراكز وبامتيازات، بل متطلّعات إلى إصلاح، بات من الضروري الشروع فيه لحماية بيئتنا الطبيعية كما الاجتماعية. وفي عصر تضيع فيه المعاني في الشعارات المنمّطة الّتي تردّدها أبواق الوسائل الحديثة للتواصل، لنا أن نكون نحن النساء، دعاة إصلاح، ننظر إلى واقعنا بتجرّد بغية معالجة نقاط ضعفه".
وبيّنت أنّ "معالجة ظاهرة عدم شمول مجالسنا التمثيليّة لأعداد وازنة من النساء، تتطلّب أوّلًا اعتراف قياداتنا وأحزابنا السياسيّة بأنّ هذه ظاهرة تشكّل وضعًا شاذًّا يعكس وجود شرخٍ بين الصفة لنظامنا وواقع الحال. والتوصّل إلى هذا الاقتناع من جانب القيادات يفترض أوّلًا أن يكونوا مقتنعين بحقوق النساء في المشاركة معهم، على قدم المساواة، في اتخاذ القرارات". وذكرت أنّ "هذا الاقتناع يتطلّب الإقلاع عن النظر إلى المجتمع اللبناني الحالي وكأنّه لم يتغيّر منذ القرن التاسع عشر".
ونوّهت إلى أنّ "النساء المعاصرات هنّ نساء ناشطات لا يقلّ العلم لديهنّ عن علم الذكور، ولا تقلّ المؤهلات القياديّة لديهن عن مؤهلات الرجال. إنّما التعاطي السياسي الّذي يعيد إنتاج نفسه، هو ما يعيق مسيرتهن، والأساليب المعهودة في الممارسة السياسية، تستند إلى النهج البطريركي في إقامة العلاقات مع الآخرين". وأكّدت أنّ "هذا هو النهج الّذي لا يزال الأكثر رواجًاً في مجتمعنا، وهو نهج يتعارض مع المفهوم الديمقراطي الحديث للعلاقة بين الحكام والمواطنين. مع العلم أنّ النساء اللواتي تتطلّعن إلى تبوّء مراكز قياديّة في المجتمع، تحملن عادة رؤية حديثة للعلاقات الاجتماعيّة تعير الأولويّة للمصلحة العامة وليس للمصالح الفئويّة".
وأعلنت روكز أنّ "الهيئة تعمل بالتعاون والتنسيق مع مختلف الجهات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني، على تحديث القوانين بهدف رفع التّمييز اللاحق بالنساء، وإحقاق المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق كما في الواجبات. ومن أبرز هذه القوانين، تلك الّتي تحدِّد سنًّا أدنى للزواج، وتحمي المرأة وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري، وتعطي المرأة اللبنانية المتزوّجة من أجنبي الحقَ في نقل جنسيَتها إلى أولادها، وتجرّم التحرش الجنسي، وتُتيح مشاركة أكبر للنساء في الحياة السياسيّة".
كما أشارت إلى أنّ "مسؤوليّتنا مشتركَة في بناء الوطن، والتعاون ضروريّ في العمل على صعيد الإصلاح التّشريعي، كما على صعيد تكثيف الجهود لتوسيع نِطاق مساندة الرأي العام لقضايا المرأة، ودعم مُشاركتِها في صنع القرار. فلنتحاور، ولنعمل، ولنحقق الإنجازات الصغيرة، ولا بدّ لنا أن نصِل إلى الهدف؛ فما ضاع حقّ وراءه مطالب".